معلومات تاريخية عن سنان باشا

يعد المعماري سنان باشا هو أحد أبرز وأشهر البناءين المسلمين في القرن الرابع عشر الميلادي في الدولة العثمانية كما ذاع صيته على مستوى العالم فقد تميزت أعماله البنائية والمعمارية بالكثرة والقوة والمتانة والضخامة المصحوبة أيضا بمظاهر من الجمال والروعة.

ومن ثم فقد أطلق عليه الأتراك لقب أبو العمارة التركية وهو يعرف في كتب التاريخ بعدة أسماء منها سنان باشا وسنان آغا وميمار سنان وخوجة باشا.

نبذة عن سنان باشا

الاسم الحقيقي لسنان باشا هو يوسف بن خضر بك بن جلال الدين الحنفي الرومي ولد هو في قرية آغريناس بتركيا بعام 1490 م وكان هذا في عهد السلطان العثماني بازيد الثاني بن محمد الفاتح وعرف عن سنان باشا منذ صغره حبه لبناء الأكواخ وحظائر الحيوانات.

وشق قنوات المياه في الحدائق والتحق سنان باشا بالجيش العثماني من أجل الحصول على فرصة للتعليم ووظيفة كبيرة حيث انتقل للعاصمة حيث بعد إتمام الابتدائية استكمل تعليمه في الأوجاق المعماري والتي هي حاليًا كلية الهندسة المعمارية.

شاهد أيضًا: بحث عن محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة

حياة سنان باشا العسكرية المعمارية

شارك سنان باشا في العديد من الغزوات الحربية في عهد السلطان بازيد الثاني  بعد إتمام فترة أخذ العنوة ليكون انكشاريًا حسب نظام الدوشيرمة ذهب ليحارب في حملة بلغراد.

كما ساهم في حروب للسلطان سليم الأول على بلاد فارس والشام ومصر والبلقان والمجر وجنوب فرنسا وتدرج سنان باشا في الوظائف العسكرية في عهد حكم سليم الأول.

فقد حصل على مكانة كبيرة داخل الجيش نتيجة لجهوده في وضع تصميمات البناء لمراكز وتجمعات الجيش العثماني وإنشاء الجسور والقلاع والحصون الحربية.

وفي فترة حكم السلطان سليمان القانوني أنشأ سنان باشا جسر فوق نهر بروت في 13 يومًا فقط وأنشأ جسر آخر على نهر الدانوب مما جعل السلطان يمنحه لقب كبير مهندسي الدولة العثمانية في عام 1538 .

سنان باشا كبير المعماريين في الدولة العثمانية

بعد وفاة عجم علي والذي كان هو كبير المعماريين الرسميين في الدولة العثمانية تم تعيين سنان باشا في منصبه نظرًا لخبراته السابقة الكثيرة وبتوليه هذا المنصب أصبح مسئولا عن إقامة الأعمال المعمارية من قصور ومدارس وأضرحة وسبل مياه وحمامات ومطاعم خيرية.

كما يرأس شق الطرق في العاصمة وبناء الأرصفة ومراقبة أعمال البناء في كل أرجاء الدولة العثمانية بنفسه وكانت له صلاحية اتخاذ القرارات الخاصة بهدم الأبنية المخالفة للنظام والإشراف على أبنية القلاع كما فرض عليه الإشراف على المهندسين المعماريين في القصور السلطانية .

أعمال سنان باشا المعمارية

إهتم سنان باشا بدراسة الهندسة والتطوير من نفسه حتى أصبح أستاذًا بارعًا في هندسة القباب وتنسيق المساحات الواسعة داخل البناء.

وقام سنان باشا طول حياته ببناء 141 شكل هندسي متنوع من بينهم 80 مسجد سلطاني و50 مسجد عادي والعديد من القصور الفخمة والمستشفيات والحمامات التركية الشهيرة والجسور والأضرحة.

وبيوت القوافل والخزانات لحفظ مياه الشرب والعديد من الآثار المعمارية التي تركت وراءه بصمة كبيرة في مجال الهندسة المعمارية.

ولم تقتصر أعمال سنان باشا المعمارية على العاصمة العثمانية فقد أنشأ في بلغاريا جامع محمد باشا البوسني.

وفي حلب أنشأ جامع الخسروية وجامع السلطان سليمان ومطعم السلطان اليري بدمشق.

كما قام بترميم قباب الحرم المكي وبنى مطعم خيري بإسم خاصطي سلطان.

كما له أعمال أخرى في البصرة والقدس والمدينة المنورة وبعض البلدان العربية.

أهم مراحل سنان باشا المعمارية

مر المهندس المعماري الكبير سنان باشا بثلاث مراحل مهمة في حياته كل منها كان بمثابة نقلة له.

حيث قال عن مراحله الثلاثة أن الأول يمثله صبيًا وهو مسجد شاه زادة بإسطنبول.

والذي وصفه سنان باشا بأنه وليد تجربته الأساسية في الولوج بطريق تصميمي خاص به.

والثاني يمثله معماريًا متمكنًا وهو جامع السليمانية بإسطنبول أيضًا.

والذي يعتبره سنان باشا يشير إلى مرحلة تتسم بالنضوج المهني في تعاطيه مع عمارة القباب والفضاءات المقببة.

أما ثالث أعماله فهو يمثله أستاذًا وهو جامع السليمية في أدرنة والذي يعد عمله الأكمل.

ويعتبره بمثابة رائعته التصميمية فتلك الأعمال الثلاثة حفرت اسم سنان باشا بين عباقرة العمارة في التاريخ.

وهنا الحديث عن كل منهم في استفاضة خاصة

مسجـد شاه زاة

بنى سنان باشا جامع شاه زاده عام 1544م بأمر من السلطان سليمان القانوني في مدينة إسطنبول تخليدًا لذكرى ولده شاه زاده محمد.

وقد استغرق بناء هذا الجامع أربع سنوات حيث تم الانتهاء منه عام 1548م.

ويلحق بالجامع مجمع كبير يتكون من مدرسة ودار ضيافة موزعة بتناسق فريد.

كما ابتكر سنان باشا نموذجا للقبة المركزية وأنصاف القباب الأربع الدائرة من حولها كارتكاز للفراغ الواسع للقبة المركزية مما جعل المسجد فريد في معماره.

شاهد أيضًا: بحث عن محمد علي باشا الكبير

جامع السليمانية

يعد جامع السليمانية من أشهر أعمال سنان المعمارية المنجزة في عهد السلطان سليمان القانوني ففيه قدم سنان تصميمًا جديدًا وجريئًا أحدث تحولًا هامًا في فن العمارة العثمانية والإسلامية.

حيث بناه سنان باشا وهو في عمر الستين وقد استغرق في بنائه سبع سنوات من 1550 م.

وحتى 1557 م وجاء هذا المسجد تحفة هندسية حيث عالج في مخططه كل العيوب التي كانت في مخطط آيا صوفيا.

كما ألحق بالجامع دار لإطعام الفقراء ومشفى ومدرسة للطب وحمام ودار للكتاب.

وأربع مدارس عليا وعدد كبير من الحوانيت وفي الجهة الخلفية للجامع يوجد مدفن يضم ضريحين أحدهما للسلطان سليمان وأخر لزوجته.

وقد لعبت قبة المسجد دورا كبيرا كجهاز لتضخيم الصوت.

فتمتص الأمواج الصوتية المنخفضة بينما القبب الصغيرة تمتص الأمواج الصوتية العالية.

أي أنها استخدمت كمكبر للصوت قبل اختراع الميكروفون بـ 300 سنة إضافة لتجميله نوافذه المضيئة بالزجاج الملون.

ومآذنه الأربع الحاضنة له من كل جانب مطلة على المدينة كمشهد زخرفي يحتل الربوة منفردا.

جامع السليمية

وبالحديث عن أعظم أعمال سنان باشا على الإطلاق فبالإجماع بين خبراء العمارة.

وبين رأي سنان باشا شخصيًا فهو جامع السليمية والذي بناه سنان باشا بأمر من السلطان سليم الثاني.

واختار سنان أعلى ربوة في أدرنة ليقيم عليها الجامع بحيث يمكن مشاهدته من أنحاء المدينة.

وبدأ سنان باشا العمل به عام 1568 وأتمم بناؤه بعد ست سنوات في عام 1574.

وهو في قرابة الثمانين من عمره ويقول سنان عن دواعي إبداعه في هذا المسجد: “إن المعماريين الآخرين يقولون إننا متفوقون على المسلمين لأن عالم الإسلام يخلو من قبة عظيمة مثل آيا صوفيا.

وإن بناء مثل هذه القبة الضخمة أمر غاية في الصعوبة.

وكان لكلامهم هذا تأثيره المؤلم في قلب هذا العبد العاجز (يقصد نفسه)، لذلك بذلت الهمة العالية في بناء هذا الجامع.

وبعون الله ثم بتشجيع السلطان سليم خان قمت بإظهار المقدرة.

وأقمت قبة هذا الجامع أعلى من قبة آيا صوفيا بستة أذرع وأعمق بأربعة أذرع”.

شاهد أيضًا: بحث عن تمثال إبراهيم باشا جاهز

امتدت حياة سنان باشا حتى اقترب من المائة وعاصر خمسة من سلاطين الدولة العثمانية هم بايزيد الثاني وسليم الأول وسليمان القانوني وسليم الثاني ومراد الثالث.

وبعد حياة مليئة بجلائل الأعمال استطاع فيها تسطير اسم عريض في تاريخ الهندسة المعمارية توفي سنان باشا في عام 1588م بعمر الثمانية والتسعين تاركا ذكرى لا تضيع.

مقالات ذات صلة