هل يجوز صلاة العشاء بعد منتصف الليل وما حكمها

لقد وزع الشرع الحنيف الصلوات على أوقات النهار والليل، لتشمل اليوم كله بدءً من الفجر، إلى آخر أوقات اليوم وقت صلاة العشاء، والتي تأتي بعد غياب الشفق الأحمر، وصلاة العشاء من الفرائض الخمس، ولهذا فإن أداءها واجب على كل مسلم.

وصلاة العشاء هي أربع ركعات، وهي أكثر الصلوات أجرًا، حيث جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل”، وهذا يؤكد أفضلية صلاة العشاء ومكانتها.

وقت صلاة العشاء

بداية وقت صلاة العشاء تكون من خروج وقت المغرب، وهو وقت مغيب الشفق الأحمر باتفاق رأي جمهور العلماء.

وقد أجمع أهل العلم إلا القليل منهم على أن أول وقت العشاء يأتي إذا غاب الشفق، والشفق هو عبارة عن حمرة تظهر في السماء وقت غروب الشمس، وتستمر هذه الحمرة من بداية الغروب إلى قبيل صلاة العشاء.

وعن الدليل لذلك ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي اللهُ عنه وعن أبيه أنه قال: سئل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-عن وقت الصلوات، فقال: “وقت صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأول، ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس عن بطن السماء.

ما لم يحضر العصر، ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول، ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس، ما لم يسقط الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل”.

شاهد أيضًا: شروط صلاة التوبة من الزنا

سنة العشاء

صلاة العشاء لها سنة بعدية أي بعد أداء الفريضة، ويجوز للمصلي أن يقوم بصلاة ركعتين نافلة قبل العشاء، إلا انها غير لازمة فإن صلاها فله الأجر وإن لم يصلها فلا إثم عليه، وهي ما تعرف بالسنة غير الراتبة.

والدليل على ذلك ما روي من قول النبي صلى الله عليه وسلم في قوله” عشر ركعات كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم عليهن، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر”.

فضل صلاة العشاء

صلاة العشاء من الصلوات الهامة، والتي أكدت عليها العديد من الأحاديث كما ذكرت مدى أهميتها وفضائلها، وعن حكمها فهي من الصلوات الخمس التي فرضت على كل مسلم بالغ عاقل، كما أن صلاتها في جماعة واجبة على الرجال فقط.

فأجر صلاة العشاء في الجماعة له من عظيم المنزلة، مصداقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث مسلم أنه قال:” من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله”.

كما بشر الرسول صلى الله عليه وسلم من يمشون في الليل إلى المساجد لأداء صلاة العشاء والفجر فقد قال صلى الله عليه وسلم “بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة”، وصلاة الظلمة هي صلاة الفجر وصلاة والعشاء.

كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم تارك صلاتي العشاء والفجر بالنفاق فقد ورد في الحديث الذي صححه الألباني رحمه الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا”.

حكم تأخير صلاة العشاء بعد منتصف الليل

أكد الشيخ عويضة عثمان مدير إدارة الفتوى الشفوية، بدار الإفتاء من عدم جواز تأخير صلاة العشاء، إلى ما بعد الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل، أو ما قبل أذان الفجر كما يفعل البعض.

وأضاف قائلًا في فتوى له، أن حساب منتصف الليل يكون من خلال عدد الساعات من بعد غروب الشمس وحتى أذان الفجر، أي أنه ليس من الضروري أن يكون منتصف الليل عند الساعة الثانية عشر صباحًا، ولكن قد تكون في الحادية عشر والربع مساءً.

كما أوضح أن ما يقال عن أن الليل كله عشاء، فلا صحة له على الإطلاق.

موضحًا إلى أنه ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأن تأخير صلاة العشاء فهو صحيح.

إلا أنه لم يكن يؤخرها إلى قرب أذان الفجر.

ولكنه كان يؤخرها إلى الثلث الأول من الليل حتى كان يسمع رسول الله غطيط الصحابة، أي صوت كأنهم ينامون في المسجد.

شاهد أيضًا: كيفية صلاة قضاء الحاجة ودعائها

حكم تأخير صلاة العشاء لأدائها في جماعة

أكد فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، أن ما ورد في الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بشأن تأخير صلاة العشاء، أنه يفضل تأخير العشاء عن أول الوقت إلى ثلث الليل أو نصفه.

وأفاد فضيلته عن حكم تأخير صلاة العشاء وأدائها في جماعة بقوله.

أن من هذه الأحاديث ما رواه الترمذي وقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه”.

.وقد روى أيضًا عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل”.

وأكد في حديثه أن أفضلية تأخير العشاء عن بداية الوقت إلى نصف الليل أو ثلثه تثبت في حق النساء مطلقًا.

وكذلك في حق من لا يحضرون الجماعة لعذرٍ شرعي.

وأما غيرهم من الرجال فتثبت الأفضلية للتأخير في حقهم، إذا كانوا جماعةً في مكانٍ وليس حولهم مسجد.

وأكد قائلًا: “أما إن كان هناك مسجد جامع فتركوا الجماعة فيه.

لأجل تأخيرها مع جماعة أخرى في غير مسجد فلا أفضلية للتأخير.

وكذلك إن كان التأخير بالمسجد ولكنه يشق على المأمومين فلا أفضلية له”.

آخر وقت لصلاة العشاء

جاء اختلاف أهل العلم في آخر وقت لصلاة العشاء على أقوال متعددة، إلا أن أقواها قولان:

القول الأول:

  • ما جاء في رواية عن الإمام أحمد أنه يجوز إمداد وقت صلاة العشاء إلى منتصف الليل.
  • وإلى طلوع الفجر مع الاختيار، وقال به ابن المواز من المالكية، وابن حبيب، والشوكاني وابن قدامة.

والدليل من السنة:

  • عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “وقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط”.
  • عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    • فقال: “إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم” وذكر الحديث، وفيه “أما إنه ليس في النوم تفريط.
    • إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى”.
  • عن أنس رضي الله عنه قال: “أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل.
    • ثم صلى، ثم قال: قد صلى الناس وناموا، أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها”.

القول الثاني:

  • يمتد وقت صلاة العشاء إلى منتصف الليل، وليس هناك وقت اختيار وضرورة.
  • وهذا ما أكده ابن حزم الظاهري، وقال الشافعي أنه محتمل، وقال به أبو سعيد من الشافعية.

الأدلة من الكتاب والسنة:

  • قال الله تعالى: “أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا”.
  • من السنة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” وقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط”.

شاهد أيضًا: طريقة اداء صلاة الخوف بالتفصيل

وفي النهاية قد تعرفنا على حكم تأخير صلاة العشاء، فعلينا الالتزام لننال رضا الله سبحانه، ونفوز بجنانه.

مقالات ذات صلة