ما هي السيرة الذاتية في الأدب العربي؟

السيرة الذاتية لها عدة مفاهيم مختلفة، فيختلف معناها لغويًا واصطلاحًا، وفي هذا الموضوع سوف نتعرف على مفهوم السيرة الذاتية في الأدب العربي والأدب المعاصر.

مفهوم السيرة الذاتية

السيرة الذاتية لغويًا هي طريقة عيش الفرد ونشأته، أما في الاصطلاح هي وسيلة لسرد الفرد لقصة حياته الخاصة.

فمن خلال السيرة الذاتية لفرد تستطيع التعرف على قصة حياته بشكل مُفصل، فهي تعبر عن العصر السابق له فقط، حيث يقوم مؤلفها باسترجاع الذكريات الخاصة به ثم يعمل على تدوينها.

السيرة الذاتية في الأدب هو عرض لتفاصيل حياة مؤلفها بشكل عام، ولكن تختلف طرق عرضها.

فأحيانًا تقوم بسرد حياته الشخصية بشكل مُبسط، وأحيانًا تقوم بعرض يوميات المؤلف كاملة، وأحيانًا تقوم بعرض اعترافات المؤلف الشخصية وسردها بشكل مُفصل.

ولذلك فإن السيرة الذاتية في الأدب العربي جمعت بين تاريخ الفرد وشخصيته ذاتها.

واعتمد علماء النفس والاجتماع على ذلك وأكدوا على أن السير الذاتية تقوم بمنح أصحابها فرص لإعادة رسم ماضيهم الخاص.

شاهد أيضًا: المهارات الشخصية في السيرة الذاتية pdf

السيرة الذاتية في الأدب القديم

السير الذاتية هو أحد فنون الأدب المختلفة كالمقالة، والرواية، والقصص، والمسرحيات.

وبالرغم من وجوده في الأدب القديم إلا أنه قد عرفه الجميع بدون تحديد لمقوّماته ومعالمه الفينة.

وكانت السير الذاتية تعمل على عرض ما يخص حياة الفرد سواء كانت حسنة أو سيئة.

ولهذا كانت تهتم بالمواعظ والمذكّرات والانفعالات الشعورية، وكانت تظهر على هيئة رسالة ووصية بشكل متعدد ومختلف.

وأوضح بعض علماء الأدب أن بعض السير الذاتية ظهرت في الدولة اليونانية عبارة عن جنس أدبي وذلك في القرن الـ4، الـ5 ق.م، وأوضح علماء أخرون أن فنون السير الذاتية تعود لأوروبا.

ومن أقدم السير الذاتية ” أوغسطين ” والتي دلت اعترافاته على قدمها، ومن أقدم الروايات الإنجليزية للسير الذاتية رواية مارغري كيمب.

فظهر تطور السير الذاتية ببداية القرن الـ17، وازدادت الكتابات الأدبية التي تتعلق بها.

واختلفت أشكالها كاليوميات والذكريات، مثل ذلك في الآداب الغربية هي القصة.

التي قامت بكتابتها ( لوسي هتشنسون )، والتي عملت على توضيح العهد الذي تكتب فيه، مع وصف الأفراد البارزين في هذا العهد.

واستمرت السيرة الذاتية في تطورها حتى ظهرت بعض الأعمال وأصبحت تتميز بالكلاسيكية في الآداب العالمية، كمذكرات إدوارد جيبون والعديد من الأعمال الأخرى.

وفيما يتعلق بتاريخ السيرة الذاتية في الأدب العربي؛ فقد انتشرت منذ العصور الجاهلية، وكانت بداية السيرة الذاتية في هذا الوقت تتمثل في ما يُعرف بالشعر الغنائي.

اخترنا لك: ما هي كتب توثيق التراجم

السيرة الذاتية

وعندما دخل الدين الإسلامي ذادت الحاجة لتدوين الوقائع التاريخية، والمواقف الخاصة بالشخصيات البارزة في التاريخ.

ومن هناك برزت أهمية السير الذاتية، ومن أشهر السير الذاتية في هذا العصر (سيرة معاوية وبن أمية)، و (سيرة ابن إسحاق)، وسير ذاتية أخرى عديدة.

تطور السير الذاتية في الأدب العربي تميز بالحيادية الدقيقة في عرضها للأحداث وللحقائق.

حتى ظهرت كتاب (الطبقات) وكتاب (التراجم)، وهي الكتب التي ظهرت بعد عصور الرواية والتدوين.

ومن هنا نجد أن السيرة الذاتية تطورت وانتشرت واستمرت في ذلك على مر العصور.

وكانت الأحداث الواقعة في جميع العصور يتم تدويها بيد الأدباء والمؤرخين، ويقومون بعرض أحداث الحياة التي يعيشونها.

وفي القرن الخامس هجريًا قام ابن سينا بوصف الحياة التي يعيشها في كتابه (ترجمة ابن سينا)، فعمل على تفصيل الأخبار الخاصة به لتقديم سيرته للقراء.

وفي بداية القرن السادس هجريًا أخذ الغزالي (مترجم صوفي) في الظهور، ومع نهايته.

قدم عبد الله بن بلقين كتابه المعروف باسم (التبيان)، والذي تم نشره بشكل كامل في وسط القرن الـ 20.

شاهد أيضًا: ما هو الموقع الالكتروني في السيرة الذاتية

السيرة الذاتية في الأدب الحديث

أبتدئ العصر الحديث مع نهاية القرن الـ19 ميلاديًا، وسلك محدثي الأدب طريق الأدب القديم في إعداد السير الذاتية.

واشتهر العصر الحديث وخصوصًا في بدايته بانتشار حركة التحرر في المناطق العربية، ومن أبرزها ( الحركات الفكرية ) التي كان يدعوا إليها رفاعة الطهطاوي.

فعمل على تأليف الكتاب الشهير ( تخليص الإبريز في تخليص باريز)، والذي كان له الفضل في تشجيع الكثيرين على تدوين السيرة الذاتية في الأدب الحديث.

وتمكن هذا النوع من الفنون من نقل حقائق الصدام بين الجهة الغربية والشرقية بشكل شفاف وصادق.

ولم يكتفي أصحاب الأدب المعاصر من سلك طرق أصحاب الأدب القديم في تدوين السير الذاتية لكن تأثر الكثير منهم بالنهوض الأوروبي الحديث.

كتب السيرة الذاتية تظهر ملامح الشخصيات العربية، وفي مطلع القرن الـ20 أخذ هذا الفن في التبلور.

وعمل على إبراز الصفات المتعلقة بالشخصيات القومية في الآداب العربية، مع توضيح المشاعر القومية وتمثيلها في أرواح الشعب النامي والمثقف.

ولذلك دعا أصحاب الأدب الحديث للبحث عن الآداب الصادقة يُمثل آمال الشعوب وآلامها.

والاهتمام بالتجديد والبعد عن الموروث والاقتباس، حتى برزت كتب الترجمة الذاتية.

وهي التي ساعدت على انعكاس الأفكار العربية المعاصرة ونقل الأزمات الإنسانية العربية.

من خلال أقوال الأدباء والكتاب وأحاديثهم عن الحياة المتعلقة بالأدب والثقافة والنفس وعن الإنتاج الفكري.

مما زاد من تطور فن السير الذاتية والترجمة الذاتية في الآداب العربية على مر العصور.

تطور السيرة الذاتية

وعمل تطور السيرة الذاتية على بيان فنون الرواية وظهوره والاعتماد عليه بالشكل الواضح في فنون السير الذاتية.

حيث كانت كتب السيرة والترجمة الذاتية تأتي في قوالب روائية.

وكان أبرز البارعين في هذه الفنون الكاتب ميخائيل نعيمة صاحب كتاب ( مرداد ) و( لقاء).

والكاتب طه حسين صاحب كتاب ( الأيام )، والكاتب توفيق الحكيم صاحب كتاب ( عودة الروح).

وبالرغم من تعدد الكتب وكتابها إلا أن كتاب الأيام الذي دونه طه حسين كان من أبرز نصوص التأسيس وأولها لكتابة السير الذاتية في الأدب الحديث.

والذي قرأ هذا الكتاب يتضح له أن طه حسين تحدث عن فترة الطفولة والشباب التي عاشها.

وكان متميزًا في عرض معاناته التي عاشها وتمكن من الانتصار عليها.

ولم يكن فن السير الذاتية مقتصرًا على ترجمة الأدباء الحرفية، بل تعددت أشكالها كالمذكرات واليوميات.

نوع السيرة الذاتية

السيرة الذاتية لها نوعين: سير ذاتية، وسير غيرية، وهذ السير التي يقوم بكتابتها فرد عن فرد أخر.

وفيها يستند الكاتب في سرد الأحداث على المعلومات التي يمتلكها، أو بالاعتماد على علاقته بالفرد الذي يتحدث عن حياته الشخصية.

ولذلك فتتعدد مواضيع السير الذاتية ومضامينها، لتصبح أكثر شمولًا في تناول جوانب الحياة المختلفة.

فكانت السير الذاتية والغيرية تمضي مع مرور الزمن، ومن أمثلة ذلك ( سيرة حنا إبراهيم) حيث أنه كتب وأرخ حرب 1948م، وحرب 1967م.

وعمل على تقديم الصور الواضحة للجانب اليهودي حينها، وأستمر نفس الأسلوب عند أدباء آخرين في الأدب الحديث كأحمد أمين، والبرغوثي.

كان الأديب أو الكاتب العربي يهتم بشكل مُكثف بكتابة السيرة الذاتية والتراجم لتوضيح الحقائق المختلفة.

حيث كانت وظيفتهم محددة وهي كشف المستور، وتوثيق ما يحدث تاريخيًا للبلاد وللأفراد.

وفي الغالب كان الكتاب يكتب السيرة الذاتية بدافع الاقتداء به، وفي أوقات أخرى كان التوجيه الفكري والثقافي والروحي هو الدافع الحقيق.

شاهد أيضًا: السيرة الذاتية باللغة العربية

وفي نهاية الموضوع وبعد أن تعرفنا على مفهوم السيرة الذاتية، وتعرفنا على السيرة الذاتية في الأدب العربي القديم، وفي الأدب المعاصر، عليكم فقط مشاركة هذا الموضوع في جميع وسائل التواصل الاجتماعي.

مقالات ذات صلة